المحلياتمقالات

مواسم الأمطار المفرحة و (المحزنة)  

بقلم الكاتب / إبراهيم الزبيدي _ القنفذة | يعودُ موسمُ الأمطار من جديد .. ونحن نترقبُ الأجواءَ الجميلةَ والتي نخرجُ فيها مع العائلة إلى (الخبوت) لنستمتع بتلك اللحظات السّاحرة .. نشتمُّ رائحةَ المطر .. وهي تفوحُ بين حبات الرّمل المبتلّ !

أطفالنا يركضون على زخات المطر المتلألأة .. تطاردُ أقدامهم الحافية صدى ذلك الهتان وقد لبست جواربها من الطّين !

ونحن نجلسُ بالقرب منهم نُشبعُ النّظر في رمالٍ ارتدَتْ نسيجَ الحياة .. تستعرضُ بزينتها فصارت مثل عروسٍ في ليلة زفاف ! ونروي عطش خواطرنا في لحظات صمتٍ ننصتُ فقط لحديث الوجدان !

وفي الجانب الآخر القريب أصوات (الضفادع) تتعالى من الوادي وكانّها ترددُ أهزوجة التّرحيب لتستقبلُ بها السيل المُدلف بين ردهات الوادي وقد التحف عباءته البيضاء ! 

وصوت الجخجخة يضجُ وهو يصطدمُ بحواف الوادي وكثبانه .. في حديثٍ يردُ به على رسائل التّراحيب !

صورة يعجزُ الرسامُ عن صياغتها في لوحةٍ زاهيةٍ مترنمةٍ بأبدع ما يمكن وصفه من خيال الطبيعة وسحرها !

يعودُ موسمُ الأمطار وتعودُ معه البهجةُ والفرحُ والسّعادةُ هي لغةٌ تنعكسُ لذلك المشهد البديع في تلقائية وعفوية صنعتها فطرة الطبيعة ومثيرها الثّري !

لم تكن النّفس مستعدهً لتقبل مشاعر غير السّرور ودوافع سوى تلك اللوحة المتشبعة بالإيجابية وكلماتٍ تترجمُ ذلك نثراً وشعراً !

ولكن! .. يعود موسم الأمطار وتعود معه أحداثٌ خارجةٌ عن سياق ذلك كله .. تنغّصُ حالة الابتهاج وتعكر صفوها .. وكأنَّ تلك الصورة المكتملة أركان الجمال لابد أن يطالها لمسةً حزينةً تشوه جمالها وتنكأ جراحاً لم تلتئم بعد ! هي صورةٌ مكررةٌ أيضاً مع كلّ موسمٍ حينما نصحو على خبرٍ يحوّل اللون الأبيض الذي طغى جنبات المكان بكل تفاصيله الجميلة إلى لونٍ أسودٍ حزينٍ مخيفٍ يتسللُ في لحظاتٍ ليفجّر كل طاقات الرّعب والفجيعة ! فبين حين وآخر ونحن في قمة شغفنا ولهفتنا لتلقي أنباء الأمطار ومواقعها والسيول التي تحمل معها أحلاماً وأمنياتٍ مفرحة .. ولكنها تحمل كذلك أخباراً غير سارةٍ بحالة غرقٍ أو فقدٍ تبددُ تلك الأحلام وتصيبُ المشهد بالذّعر والهلع والإحباط ! فكم من منزلٍ كان يضجُ بالحياة والسّعادة والأنس تعيش فيه العائلة كحال غيرها سعادة استقبال هذه الأمطار وفجأة وفي دقائقٍ وثوانٍ انقلب إلى حزنٍ وألمٍ يعتصرُ استقرارها ويبددُ سكونها ويشتتُ اجتماعها لفقد أحد أفرادها والذي سرقته تلك السيول وسرقت معه أملاً كانوا يعيشون معه ! لتنقلب حياتهم إلى اختناقٍ وبؤسٍ وتشتتْ .. والحمدلله على قضاءه وقدره .. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظ الجميع من كل سوء وأن يديم علينا هذه الخيرات ويبارك لنا فيها .

بقلم إبراهيم الزبيدي 

حائك الحرف

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com

اكتشاف المزيد من صحيفة البلد الإلكترونية

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading