
في المظيلف، لا يُقاس الجمال بالموقع فقط، بل بالروح التي تسكن المكان، وبالكرم الذي يسكن أهله.
هنا، على ضفاف البحر الأحمر، تنبض المدينة بالحياة… مدينةٌ لا تعرف السكون، ولا تُغلق أبوابها في وجه العابرين.
فيها يتعانق الشمال بالجنوب، والبر بالبحر، ويصبح الطريقُ وطنًا، والساحلُ حكايةً من نور وماء.
أهلها… أبناء الطيب والسخاء، لا يُعدّ الكرم فيهم منقبة، بل هو فطرةٌ، وسجيةٌ، وميراثُ أجيال.
سواعدهم بنت، وقلوبهم احتوت، وأخلاقهم كانت رصيدًا للوطن في كل ميدان.
البحر هنا… ليس مجرد أفق أزرق، بل ذاكرة حيّة.
علّمهم الصبر، وغذّاهم بالعطاء، واحتضن قواربهم الصغيرة وهي تمخر عُبابه في بحثٍ عن الرزق والشرف.
هو شريانُ المظيلف النابض، ومعلمٌ من معالم الصبر والعزيمة.
وفي الشمال والجنوب… تتنفس الأرض عبر أودية “قرماء” و”ناوان” و”الاحسبة” و”لومة”،
فتنثر الزرع، وتثمر الخير، وتمنح الفلاح أملاً جديدًا كل صباح.
هنا تُروى الحقول لا بالماء فقط، بل بالإصرار، وبأنامل تعشق الأرض كما تعشق الأم طفلها.
وعندما يعلو بك الطريق شرقًا…
تلوح لك “عَشِم”، متربعة على كتف الجبل، بعيدةٌ عن البحر، قريبةٌ من المجد.
قريةٌ لا تُقاس مسافتها بالكيلومترات، بل بقربها من ذاكرة المظيلف، ومن عمقها التاريخي.
هناك، تُروى الحكايات من حجارة، ويُكتب المجد على سفوح الزمن.
وفي قلب المدينة…
ينبض السوق الشعبي القديم، سوقٌ ليس كغيره،
فهو منصة اقتصاد، ومنبر ثقافة، ومتحفُ حياة.
تبادل فيه الناس ليس السلع فقط، بل القصص واللهجات والمواقف.
كان المِجْمَع الذي احتوى الجميع، ومسرحًا للتجارة، والتواصل، والذاكرة.
المظيلف… مدينةٌ من بحرٍ وزرعٍ وجبلٍ وسوق
فيها يلتقي الحنين بالحاضر، ويصنع الإنسانُ منها لوحة وطنٍ لا تنطفئ.
إن مررت بها، فأنت لست عابرًا… أنت شاهدٌ على المجد، وضيفٌ في بيت الكرم، وسطرٌ في حكاية لا تنتهي.