
القنفذة | الوقت الذي تُعاد فيه كتابة التاريخ الرياضي بمحافظة القنفذة، وتُسلَّط الأضواء على أسماء جاءت متأخرة أو لم تحقق ما يرسّخ حضورها، تبقى هناك شخصياتٌ أصيلة صنعت مجد الرياضة بالمحافظة ثم غابت عن الواجهة دون مبرر.
وفي مقدمة هؤلاء يأتي الكابتن غرم الله الفقيه؛ أحد أبرز رواد ألعاب القوى، وصاحب أولى الإنجازات الحقيقية التي وضعت اسم القنفذة على خارطة المنافسات على مستوى المملكة.
تميّز الكابتن غرم الله الفقيه بموهبته الفذة في ألعاب القوى، وخصوصًا في مسابقات الوثب الثلاثي، حيث بدأ مشواره بإنجازات مبكرة ومنها/
بطولة المدارس الثانوية في الوثب الثلاثي (1405–1408هـ)، محققًا حضورًا لافتًا على مستوى المملكة.
الهيمنة على بطولات المكتب الرئيسي لرعاية الشباب بمنطقة الباحة في الوثب الثلاثي لمدة 11 عامًا متتالية؛ وهو رقم استثنائي ونادر في سجل ألعاب القوى.
تحقيق أول إنجاز في تاريخ رياضة المحافظة عام 1416هـ بعد فوزه بالمركز الأول في بطولة المملكة لأندية الدرجة الثانية بالرياض، وهو إنجاز لم يكن مسبوقًا في القنفذة بجميع الألعاب الرياضية.
الصعود بلعبة ألعاب القوى بنادي التسامح (القنفذة حاليًا) إلى مصاف أندية الدرجة الأولى عام 1425هـ، ليكون أول مدرب –سعوديًا كان أو غير سعودي– يحقق هذا الإنجاز في تاريخ النادي.
لم يكتفِ غرم الله الفقيه بالإنجازات الميدانية، بل انتقل إلى صناعة أبطال جدد، حيث أشرف على تدريب منتخب إدارة تعليم القنفذة المدرسي لألعاب القوى من عام 1419 حتى 1443هـ. وخلال هذه الفترة وصل بالفريق إلى المستوى الأول على مستوى وزارة التعليم.
وقدّم عدداً من الطلاب أصحاب الأرقام العالية، تم اختيار بعضهم للمشاركة في منافسات عالمية في دول مختلفة.
وللفقيه حضور وطني مشرف ففي عام 1428هـ تم اختيار غرم الله الفقيه مدربًا للمنتخب الوزاري السعودي لألعاب القوى في منافساته على مستوى الدول العربية في الأردن، وهو شرف رياضي كبير يؤكد قيمة الرجل الفنية وخبرته الميدانية.
كما حظي الفقيه بإشادة رسمية من الاتحاد السعودي لألعاب القوى في خطاب موثق تضمّن التوصية بالاهتمام به، ليصبح أول رياضي في تاريخ المحافظة يتلقى إشادة رسمية من اتحاد رياضي سعودي.
ورغم هذا التاريخ الممتد، لا يزال غرم الله الفقيه بعيدًا عن كثير من المحافل والتكريمات الرياضية بالمحافظة، وهو أمر يثير التساؤلات حول غياب التوثيق المنصف لسير الرواد الذين قدّموا للمحافظة مجدها الأول.
فالذاكرة الرياضية الحقيقية لا تُبنى بالمجاملات ولا بتدوين أسماء جديدة على حساب أسماء صنعت التاريخ، بل تُبنى على الإنصاف وتقدير العطاء.
اليوم، ومع اتجاه المحافظة لإعادة قراءة تاريخها الرياضي، فإنَّ تكريم الكابتن غرم الله الفقيه لم يعد خيارًا، بل استحقاقًا تأخر كثيرًا.
فهذا الرجل قدّم أولى المنجزات، وخرّج الأبطال، وصنع حضور ألعاب القوى في القنفذة، وأسهم في رفع اسم النادي والمحافظة في المحافل المحلية والعربية.
إن إعادة الاعتبار لغرم الله الفقيه ليست مجرد احتفاء بشخص، بل إنصافٌ لمرحلةٍ كاملة، وتقديرٌ لرياضي وضع حجر الأساس لمسيرة نجاح ما زالت مستمرة حتى اليوم.




