مقالات

حياة… بلاملل

بقلم د . أشواق الحسني ، مشرفة تربوية بتعليم القنفذة

في خضم الحياة اليومية المليئة بالضغوط المتزايدة والأعمال المتكررة نشعر وكأننا آلات صماء ..رتابة يومية مملة تجعلنا نتحرك داخل دائرة مغلقة من الصعب الخروج منها ولا نستطيع رؤية الحياة خارجها، وهذا يشعرنا بالملل واستمرار هذا الشعور قد يؤدي إلى الشعور بالاكتئاب.

والملل فتورٌ يعتري الإنسان من كثرة مزاولةِ شيءٍ، فيوجب الكلالَ والإعراضَ عنه، وهو رفيق الروتين وفقدان الشغف وغياب المتعة واللامبالاة وعدم الراحة، إنه شعور يخبرنا بأن حياتنا تحتاج إلى تغيير ما. 

يقول برتراند راسل: “إننا نشعر بالملل أقل مما كان يشعر به أسلافنا، إلا أننا نخشى الملل أكثر منهم”.

وورد في كتاب استراحة نفسية لكل نفس أجهدتها الحياة” لابد وقبل كل شيء أن نتذكر أن الملل جزء من طبيعة الإنسان، ولعله جزء محير لا يمكن معرفة مكانه من الإدراك أو الشعور، إلا أن أثره كبير جدًا، نشعر أحيانا حينما نشاهد فيلما أو نقرأ كتابا أو نزاول أعمالنا اليومية الاعتيادية أن شعورًا باردًا يتسلل إلينا ويدفعنا إلى ترك ما نقوم به على أمل أن نعود إليه لاحقا، وهذا هو الملل، ربما لو كان هذا الشعور مقتصرا على حالات كهذه لكان التخلص منه سهلاً، إلا أنه قد يمتد ويصل بالإنسان إلى حالة من الملل العام التي تهيمن على كل شيء”.

كما يجب أن نتعلم أن الانشغال لا يمنع من الملل كذلك، فقد نكون في عز انشغالاتنا والملل يسيطر على مشاعرنا، إضافة إلى أن كثرة الناس ومخالطتهم ليست مقياس لعدم الملل، فعلى الرغم من انغماسنا في العلاقات الاجتماعية إلا أن الملل يتصدر تعاملاتنا معهم.

ولكي ندير الملل في حياتنا نحتاج إلى ما يلي:

تعلم أن الروتين ليس غاية في حد ذاته، والروتين المتجدد المليء بالمتعة والمحافظة على التوازن النفسي والبدني والذي يقود إلى إنجازات عظيمة هو عادة إيجابية يقول الكاتب الياباني موراكامي عن روتينه اليومي : “وأنا في صدد كتابة رواية، استيقظ في الرابعة صباحا، وأعمل لخمس أو ست ساعات، وبعد الظهيرة، أجري عشرة كيلو أو أسبح لكيلو ونصف (أو كليهما معا)، بعدها اقرأ قليلا واستمع للموسيقى حتى التاسعة مساء أحافظ على ذلك الروتين كل يوم بلا أي تغيير. التكرار في حد ذاته شيء مهم، إنه نوع من التنويم، أقوم بتنويم نفسي لأصل لحالة ذهنية أعمق”.

تحفيز التفكير الجديد يقول باريتو: ” يجب ان تقوم بالتجربة والاستكشاف وتجربة أشياء جديدة طوال الوقت”.

كسر الروتين اليومي لكسر العادات السيئة لاحظ سلوكياتك اليومية هل هي معززة للعادات السيئة؟ إنها ليست دعوة للتخلص من جدولك اليومي بقدر ماهي دعوة للتخلص من تلك السلوكيات.

امنح نفسك بداية جديدة فقد وجد الباحثون أن الأشخاص الذين يريدون إنقاص أوزانهم مثلا كانوا أكثر حماسا ورغبة وشغفا للتغيير.

تحديد الأهداف بشكل مستمر فمن يملك هدفا فهو يملك تحديا جديدا يتطلب منه المضي قدما مع الأخذ بالاعتبار طرق إصلاح نفسه وواقعه لتحقيقه.

الابتعاد عن الأشخاص المليئين بالسلبية والتشاؤم وانخفاض في الدافعية، وأحط نفسك بالمتفائلين والمبدعين والمنجزين فالملل معد بطبيعته وكل قرين بالمقارن يقترن.

 أسعد من حولك، وعبر عن عواطفك كن أنت الهالة المليئة سعادة وفرحا في نفسك وللآخرين وترقب الأفضل واسع نحو الأجمل.

زيادة الوعي في ذاتك ومشاعرك وانفعالاتك وذلك من خلال سعة الاطلاع والقراءة والمعرفة والتعلم الذاتي المستمر، فالقراءة تنير البصيرة وتوجه السلوك.

اربط الأعمال والأنشطة التي لا تحبها بالقيمة المضافة والنجاح والأثر الذي ستتركه لك.

اهتم بصحتك وغذائك المتوازن ونومك الجيد واستيقاظك المبكر وترفيهك المتوازن.

أخيرا لا بأس بقليل من الملل ليذكرنا بالنقص في أنفسنا، وضبط مسارنا في الحياة لإنجازات أكثر جدوى وأعظم شغفا وبدلا من الهروب من الملل علينا أن نواجهه ونتعامل معه بطرق فعالة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com

اكتشاف المزيد من صحيفة البلد الإلكترونية

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading